مصر والإمارات نموذج يحتذي به

0 1٬043

    تشير العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات إلي وحدة ثقافية وسياسية منقطعة النظير .. وكما أن دولة الإمارات جزء أصيل من الخليج العربي – بوابة العرب الشرقية – فهي تمثل حجر الزاوية للكيانات العربية كلها .. وقد تجلت المواقف الإماراتية منذ مطلع السبعينات علي يد الشيخ زايد آل نهيان – رحمه الله – مؤسس هذه الدولة العريقة التي تجمع بين طياتها سبع إمارات فتية تتجمع حول الخليج العربي كزهرة اللوتس الفتية .. ومن علامات الشيخ زايد الأزلية : أن المال هو مال الله وأن الرزق هو رزق الله في سؤال لسموه عن تضاءل المواطن الإماراتي أمام الوافدين لعشرة في المائة .

كان إيمانه الواثق في أن الخير إنما يتنامي مع القادمين الذين يأتون بأرزاقهم لينهلون من فيض الله .. يتمتع المصري الذي يعمل بالإمارات معاملة المواطن في كل الحقوق له ما له وعليه ما عليه .. مادام هذا القادم يبتغي عملا شريفا في غربة مؤنسة بأنوار الإمارات التي تشرق علي الجميع بلا استثناء .. كما أن الأيدي العاملة بالإمارات تساهم في إعمار مصر بنسبة كبيرة كذلك مدت هذه الدولة يد العون إلي المصريين في بلدانهم .. فمدينة الشيخ زايد بأكتوبر حاضرة هذه الأيادي البيضاء المدارة وما بها من تجليات عمرانية فيحاء ومستشفي وخدمات عصرية .

       إن المبادرة الأخيرة التي استهدفت بناء مليون وحدة سكنية في مصر بخطط وتمويل إماراتي في 13 محافظة مصرية تؤكد أن الخير مازال جاريا وأن الدم المتدفقفي عروق المصريين لن ينسي أيادي الإماراتيين البيضاء خاصة أن مصر تمر بمحنة اقتصادية موحشة في ظل سلبيات من عدم اكتمال عجلة الإنتاج ودورانها .

       لقد ساهم البناءون المصريون في خط مترو دبي العالمي ولم يبخلوا بخبراتهم علي الأخوة الأشقاء حتى تراك هذا الخط يضاهي أحدث التكنولوجيا العالمية علاوة علي التكامل الثقافي في

المهرجانات الدولية بدبي والتي تكرم الفن المصري معترفة بأن مصر مازال بها من الخبرات الكثيرةفي شتي المجالات وأن الثورات السياسية لن تزيدها إلا إصرارا علي مواصلة الطريق نحو العالمية.

       باتفاق الجميع بلا استثناء أن دولة الإمارات العربية الشقيقة هي البلد الثاني للمصريين جميعا يتمتعون بكافة الحقوق ملتزمين بالواجبات .. والمصري عادة ما يبدع في شتي مجالاته عندما تتوافر أمامه كل المقومات التي تعينه علي إظهار طاقاته وإبداعاته فمن لم يجد ذلك في مصر بالطبع سيجده في الإمارات .

       إن دبي حاضرة تجارية عالمية ومنارة عربية في شتي إبداعات الثقافة والفكر والاقتصاد ومركزا مهما من مراكز التجارة العالمية لا أحد يستطيع أن يغفل هذا أو حتى يتجاهله .. فكما كانت لدينا إبداعات بغداد والكوفة والبصرة ودمشق في العصور السالفة آلت لدينا إبداعات دبي وأبو ظبي والكويت المنامة والرياض .. أبو ظبي هي عاصمة الدولة والتي تقع مباشرة علي شاطئ الخليج العربي ويتدفق من خلالها ينابيع بترولية ضخمة تسهم في تغذية العالم بالطاقة المتجددة من مشتقات البترول والغاز .. أما الشارقة ورأس الخيمة وعجمان وأم قوين فهم جميعا دور عربية في الخيط الأبيض بهم تتجمع أسرار الصحراء وتاريخ طويل ينبض بالحكمة والمثل .. ينطق المواطن العربي هناك بعروبته ويعزف أعزب الألحان في تاريخ مشرف عبر حقب تاريخية مهمة في عمر العروبة.

       إن وحدة الصف العربي تولد بين مصر والإمارات كما أنها تمتد حضارتها إلي السعودية والبحرين والكويت وعمان .. آملين أن يشمل الأمر كل الدول العربية من المحيط إلي الخليج بنبذ الخلافات والفرقة والفتن والاضطرابات التي تموج بحاضرنا العربي الذي أصبح ممزقا منفرط العقد بأيادي خارجية تحاول أن تحيك خارطة طريق جديدة علي هواهم .

       سينتصر العرب بوحدة مصر والخليج وستنكسر أمريكا في حرب اقتصادية طويلة مع روسيا بعدما لاح في الأفق علامات لها بعد ضم شبه جزيرة القرم لروسيا عوضا عن أوكرانيا والتي تمزقت أوصالها .. وستنطق العروبة بالدولة العظمي التي تجابه العالم كله وسيخرج من بين ظهرانينا من يوقع بالأعداء شر هزيمة .

       إن العقلانية المصرية الحالية في مواقفها مع الإمارات ومثيلاتها من دول الخليج تؤكد أن مصر هي دولة المؤسسات والتي تحرص علي المصلحة العليا للوطن العربي ومصلحة أفراده وكياناته وشعوبه في مواجهه صريحة مع الغرب المتغطرس الذي يريد أن يقمع شعوب المنطقة ويحولهم إلي عبيد للغرب تابعين لثقافتهم مؤمنين بعصريتهم متناسين قوميتهم مجتثين جذورهم .. ولكن هيهات ستظل العروبة قائمه أبية أبد الدهر بفضل الكيانات المتوحدة والمتفهمة الواقع الذي نعيشه ونتعايشه .

       تؤمن الإمارات ودول الخليج أن أمن مصر وأمانها هو أمن وأمان العروبة كلها .. واستقرار مصر هو استقرار العروبة كلها .. وزعزعة الأمن المصري كفيله بزعزعة المنطقة كلها .. ومن

أجل هذا كله جاء الحرص علي المصلحة العامة من أجل الوطن العربي الأكبر .

       إن مصر كأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان حيث هي تحتضن ربع سكان العرب وحدها كما أشاد بذلك جلاله الملك عبد الله بن الحسين وألمح إلي ضرورة الحس علي استقرار مصر ومساندتها دعما للأواصر العربية .. إن ما فعلته الإمارات وسمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مصر كافي لبعث دولة عربية كبري تجمع كل الشتات العربي وهي بادرة أرسي قواعدها سموا الشيخ زايد آل نهيان – رحمة الله – ويستمر في الدعم سموا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة – رئيس مجلس الوزراء – حاكم دبي في احتضان الطاقات المصرية المتجددة والحس علي توفير كل ما يلزمهم في سوق العمل لتقوية الاقتصاد ودعم أواصره ورعاية المساهمين والمستثمرين والمبدعين وتكريم المتميزين في أكبر إمارة عربية وثقافية كمنارة تطل علي العالم من أعلي نقطة عربية تجارية وثقافية وإبداعية .. لو أن العرب جميعا حازوا ما حازت به دول الخليج تجاه مصر لرأينا دولة عربية موحدة لا تقل في شأنها عن دول العالم العظمي التي من شأنها تغيير خريطة التبعية الغربية .

حمدي خليفة

نقيب المحامين

رئيس اتحاد المحامين العرب

السابق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.